وحتى في قضية التفضيل، فإذا وجدوا ثناءً أو مدحاً من النبي صلى الله عليه وسلم لـعلي رضي الله عنه؛ جعلوا ذلك حجة على أنه الخليفة، وحجة على إبطال خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، مع أن ذلك لا يلزم، وفي المقابل أيضاً لو أن أحداً احتج بدليل يدل على صحة خلافة عثمان رضي الله عنه، أو معاوية رضي الله عنه، وقال: هذا دليل على بطلان خلافة علي ، فهذا أيضاً باطل، فيجب علينا أن نؤمن ونصدق بالجميع.
فكل ما اختلفت فيه الأمة، واشتبه أمره، وتنازعت فيه؛ يجب على الأمة أن ترده إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن تجمع بين الأدلة فالأدلة لا تتعارض ولا تتناقض بفضل الله تبارك وتعالى، يقول الشارح: (ولكن الشأن في التوفيق، والله الموفق)، أي: ليس كل أحد يوفق إلى التوفيق، فالتوفيق بين الأدلة فضل من الله تبارك وتعالى يمن به على من يشاء، فالواجب على الإنسان أن يكل الشأن إلى أهله، أو يرده إلى الله ويقول: الله أعلم؛ فيما اشتبه عليه، ولم يتنبه إلى موضع الجمع بينه من الأدلة، وهذا لا ينفي أن في القرآن نسخاً، فإذا لم يمكن الجمع بين الأدلة؛ سواء كانت من القرآن أو في السنة، وعلم المتقدم من المتأخر فالمتأخر يكون ناسخاً للمتقدم، والمقصود هنا غير موضع النسخ.